• الموقع : البلاغ : موقع سماحة الشيخ إبراهيم فواز .
        • القسم الرئيسي : الأبحاث والمقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : متى يسقط الوطن والدِين ؟ .

متى يسقط الوطن والدِين ؟

باسمه تعالى

متى يسقط الوطن والدِين ؟

أجمعت البشرية بالفكر والتقاليد والمدونات أن الأعلى قيمة إنسانية:

هي الأم لأنها بإختصار تجمع ولا تُفرّق ، تحضن ولا تطرد ، تُعطي ولا تأخذ .

وأجمعت أيضاً أن الأعظم جرماً هو من أساء إلى الأم .

بل في المأثور الديني أن من نظر إليها نظر ماقتٍ وهي ظالمةٌ له لم يقبل الله منه صلاة .

 

وبإختصار شديد الوطن هو (( أم )) له ما لها وعليه ما عليها .

 

أما الدِين فلم يطرح نفسه إلا محبة ً ورحمة ً وأمل السعادة الأبدية. بل من لطائف ما ورد أن النمرود لمًا حطّم إبراهيم (ع) الأصنام حاججه بقوله: ( أصلاتك تأمرك بهذا يا إبراهيم ) .

لأنه حتى في فكر النمرود من يُصلي لرب الرحمة والمحبة والتسامح لا بُد وأن يكون محباً ورحيماً ومتسامحاً حتى مع خصمه أو نقيضه .

لكن متى يسقط الوطن والدين ؟؟؟ .

يسقط الوطن متى صار ميتة في صحراء يتناهشها الذئاب ولا حُماة .

متى صار مكبا لنفايات كل قذر يرى الوطن له دون غيره .

متى صار خردة مفككة في ساحة سائبة يتناول منها كل طاريء حاجته ويرمي الباقي .

متى صار وظائف للصوص الطوائف .

متى صار نهباً لأولاد الحرام وكل ناهب ابن للحرام .

متى صار شركة تبادل خدمات بين كبار اللصوص ومقطوعي الذيل .

متى صار معبداً للأوثان وكل زعيمٍ وثنٌ وكل مواطنٍ عبدٌ أبله .

متى صار لعب القمار مسألة وطنية ولافظ أنفاسه على باب مستشفى خبراً .

متى صار زعيم الجماعة والطائفة عند أتباعه لا ينطق عن الهوى بل وحي يوحى .

متى صار لكل صاحب شأن عصاباته للخطف والقتل والتهريب .

متى صار النائب والوزير والموظف الكبير يتمتع بحصانته الهاتكة للحرمات والمقدسات ولو قال كفراً صار كفره إيماناً وطهارة .

متى صار القادة يتباسمون وأتباعهم يتاشتمون والناس يُصفقون .

متى صار أهل العلم والإختصاص يحتاجون أرباب الجهل .

متى صار الغني الأحمق يتقدم الصفوف ويتصدر المجالس .

متى صارت زوجة المال والشأن السياسي تُحاضرُ في الفكر وعلم الإجتماع .

متى صار مُفكر اليسار يمين ( يمين السياسة والمال ) .

وصار جوعى ومرضى ومشردوا هذا الوطن يُصفقون ويصفقون ...

وتعساً لأرض تحمل على ظهرها كل هؤلاء ..............

أما ( هل ) ومتى يسقط الدِين ؟؟؟

نعم يسقط الدين متى صار مهنة ما أنزل الله بها من سلطان .

متى صار للدين رجال يسترزقون به .

متى صار رجال الدين طبقة عليها ما فوقها وهي على من تحتها .

متى صار رجال دين أجهل به من فاسقٍ وفاجر .

متى صار رجال دين أجرأ على الدماء من ذئب أصابه داء الكلب .

متى صار رجال دين أُجراء لمن يدفع .

متى صار رجال دين يحتلون منابر الله للتسويق لأعدائه .

متى صار رجال دين يبيعون الفتوى مع عروض ترويج .

متى صار رجال دين يزرعون الفتنة والحقد ويحصد أتباعهم الدماء.

متى صار رجال دين منطقهم نقمة وسكوتهم نعمة .

متى صار رجال دين زينة مجالس ولوازم مآدب . متى صار رجالٌ أهواءهم دين والدين غريب صحراء عقولهم .

نعم يسقط الدين متى صار الناس عُبّادُ رجال . والدين عادات قد تبلى ، والعادات دين للعُلى .

نعم يسقط الوطن والدين متى أسقطهما الناس من عقولهم وتركوهما سلعة للتاجر والفاجر .

 

وإستدراكاً أقول : الدين والوطن لا يسقطان في ذاتهما لكنهما يسقطان عند الناس متى سقط الناس .

أما الأشراف : مواطنون وعلماء دين :

فبهم تُبنى الأوطان وتعمر الجنان لا يبيعون ولا يُباعون ، سكن الله في ذرات وجودهم وأعطوا للوطن دماء عروقهم .

لا تراهم في أسواق النخاسة ولا تسمعهم على منابر الفتنة هم زيت الوحدة وسراج الهداية .

ولله درُ من عرف حدّه فوقف عنده .

والسلام .


  • المصدر : http://www.el-balagh.net/edara/subject.php?id=157
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 02 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 04 / 2