متى يسقط الوطن والدِين ؟
باسمه تعالى
متى يسقط الوطن والدِين ؟
أجمعت البشرية بالفكر والتقاليد والمدونات أن الأعلى قيمة إنسانية:
هي الأم لأنها بإختصار تجمع ولا تُفرّق ، تحضن ولا تطرد ، تُعطي ولا تأخذ .
وأجمعت أيضاً أن الأعظم جرماً هو من أساء إلى الأم .
بل في المأثور الديني أن من نظر إليها نظر ماقتٍ وهي ظالمةٌ له لم يقبل الله منه صلاة .
وبإختصار شديد الوطن هو (( أم )) له ما لها وعليه ما عليها .
أما الدِين فلم يطرح نفسه إلا محبة ً ورحمة ً وأمل السعادة الأبدية. بل من لطائف ما ورد أن النمرود لمًا حطّم إبراهيم (ع) الأصنام حاججه بقوله: ( أصلاتك تأمرك بهذا يا إبراهيم ) .
لأنه حتى في فكر النمرود من يُصلي لرب الرحمة والمحبة والتسامح لا بُد وأن يكون محباً ورحيماً ومتسامحاً حتى مع خصمه أو نقيضه .
لكن متى يسقط الوطن والدين ؟؟؟ .
يسقط الوطن متى صار ميتة في صحراء يتناهشها الذئاب ولا حُماة .
متى صار مكبا لنفايات كل قذر يرى الوطن له دون غيره .
متى صار خردة مفككة في ساحة سائبة يتناول منها كل طاريء حاجته ويرمي الباقي .
متى صار وظائف للصوص الطوائف .
متى صار نهباً لأولاد الحرام وكل ناهب ابن للحرام .
متى صار شركة تبادل خدمات بين كبار اللصوص ومقطوعي الذيل .
متى صار معبداً للأوثان وكل زعيمٍ وثنٌ وكل مواطنٍ عبدٌ أبله .
متى صار لعب القمار مسألة وطنية ولافظ أنفاسه على باب مستشفى خبراً .
متى صار زعيم الجماعة والطائفة عند أتباعه لا ينطق عن الهوى بل وحي يوحى .
متى صار لكل صاحب شأن عصاباته للخطف والقتل والتهريب .
متى صار النائب والوزير والموظف الكبير يتمتع بحصانته الهاتكة للحرمات والمقدسات ولو قال كفراً صار كفره إيماناً وطهارة .
متى صار القادة يتباسمون وأتباعهم يتاشتمون والناس يُصفقون .
متى صار أهل العلم والإختصاص يحتاجون أرباب الجهل .
متى صار الغني الأحمق يتقدم الصفوف ويتصدر المجالس .
متى صارت زوجة المال والشأن السياسي تُحاضرُ في الفكر وعلم الإجتماع .
متى صار مُفكر اليسار يمين ( يمين السياسة والمال ) .
وصار جوعى ومرضى ومشردوا هذا الوطن يُصفقون ويصفقون ...
وتعساً لأرض تحمل على ظهرها كل هؤلاء ..............
أما ( هل ) ومتى يسقط الدِين ؟؟؟
نعم يسقط الدين متى صار مهنة ما أنزل الله بها من سلطان .
متى صار للدين رجال يسترزقون به .
متى صار رجال الدين طبقة عليها ما فوقها وهي على من تحتها .
متى صار رجال دين أجهل به من فاسقٍ وفاجر .
متى صار رجال دين أجرأ على الدماء من ذئب أصابه داء الكلب .
متى صار رجال دين أُجراء لمن يدفع .
متى صار رجال دين يحتلون منابر الله للتسويق لأعدائه .
متى صار رجال دين يبيعون الفتوى مع عروض ترويج .
متى صار رجال دين يزرعون الفتنة والحقد ويحصد أتباعهم الدماء.
متى صار رجال دين منطقهم نقمة وسكوتهم نعمة .
متى صار رجال دين زينة مجالس ولوازم مآدب . متى صار رجالٌ أهواءهم دين والدين غريب صحراء عقولهم .
نعم يسقط الدين متى صار الناس عُبّادُ رجال . والدين عادات قد تبلى ، والعادات دين للعُلى .
نعم يسقط الوطن والدين متى أسقطهما الناس من عقولهم وتركوهما سلعة للتاجر والفاجر .
وإستدراكاً أقول : الدين والوطن لا يسقطان في ذاتهما لكنهما يسقطان عند الناس متى سقط الناس .
أما الأشراف : مواطنون وعلماء دين :
فبهم تُبنى الأوطان وتعمر الجنان لا يبيعون ولا يُباعون ، سكن الله في ذرات وجودهم وأعطوا للوطن دماء عروقهم .
لا تراهم في أسواق النخاسة ولا تسمعهم على منابر الفتنة هم زيت الوحدة وسراج الهداية .
ولله درُ من عرف حدّه فوقف عنده .
والسلام .